مكة المكرمة ـ وسط أجواء من الخشوع والتبتل والدعاء امتلأت أروقة وس***ت الحرم المكي والنبوي بجموع المعتكفين والمعتمرين الذين تقاطروا من كافة بقاع المعمورة لإحياء العشر الأواخر من شهر رمضان، في ظل توقعات بأن يرتفع عدد المتهجدين مساء اليوم الإثنين الموافق ليلة الـ 27 إلى 4 ملايين طامح للظفر بليلة القدر.
وشهدت مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال الأيام القليلة الماضية كثافة هائلة في عدد المصلين الذين أتوا إليها من كافة أرجاء العالم ومن مختلف مدن وقرى المملكة ليؤدوا العمرة ويعتكفوا بالحرمين الشريفين.
وفي ظل هذه الأجواء الإيمانية من المتوقع أن يؤدي نحو 4 ملايين مصل صلاة القيام والتهجد اليوم في الحرمين، طامحين للظفر بالليلة التي هي خير من ألف شهر، وتحسبا لتصادفها مع ليلة الـ 27 من رمضان، بحسب صحيفة "عكاظ" السعودية.
وفي الوقت الذي يطوف فيه المعتمرون حول الكعبة المشرفة عكس اتجاه عقارب الساعة ترتفع أصواتهم بالدعاء من أجل الرحمة والمغفرة من رب العالمين، يتوزع المعتكفون في جنبات الحرم المكي الشريف وأروقته، يسودهم جميعا شعور بالسعادة والنشوة بتواجدهم في بيت الله الحرام.
عن هذه الروحانيات يقول الشاب "يونس مهمت" من بلغاريا: "عندما دخلت لأول مرة الحرم وشاهدت الكعبة لم أصدق نفسي، كنت أظن أنني في حلم، وقد راودني شعور أنني وصلت إلى الجنة".
ويضيف: "أجمل لحظات حياتي هي التي أعيشها الآن أمام الكعبة؛ لأني أشعر أنني في نعمة عظيمة لا تقدر، فالمسلمون في بلادنا يتمنون رؤية مسجد في مدنهم وقراهم، ويتمنون أن يروا مسلما موحدا، أما أنا ففي نعم كثيرة أسأل الله أن يعيننا على شكرها".
ولعل أحد المشاهد الأكثر جذبا للأنظار هو وقت الإفطار، حيث يتحول صحن الكعبة والس***ت المحيطة بالمسجد الحرام إلى مائدة إفطار كبيرة، وتتسابق الجمعيات الخيرية في خدمة روادها.
وليس في العالم مائدة تضاهي طول هذه البسط الممدودة على مدى البصر، ويعرض عليها أنواع المأكولات الخفيفة بجانب التمور والألبان والمياه للصائمين مع اختلاف اللون واللغة والثقافة.
ثاني أهم موسم اقتصادي
وتعد العشر الأواخر، ثاني أهم موسم اقتصادي في مكة المكرمة بعد الحج الأكبر، حيث تشهد المدينة المقدسة إقبالا كبيرا على مساكنها وفنادقها لقضاء تلك الليالي بجوار الحرم المكي.
ويفضل الكثير من سكان مكة خلال تلك الليالي تأجير مساكنهم، والانتقال للاعتكاف داخل الحرم المكي؛ مما يرفع توقعات بأن يصل حجم الإيرادات للإسكان (فنادق وشقق) خلال العشر الأواخر إلى أكثر من مليار ريال سعودي (الريال يساوي نحو ربع دولار أمريكي).
وللحفاظ على تلك الأجواء، نشرت السلطات 45 ألف رجل أمن داخل وحول الحرم المكي، وفي أرجاء مكة، لتنظيم د** المعتمرين والمعتكفين، وفقا لجريدة "الحياة" اللندنية.
وفي المدينة المنورة يتوقع أن يؤدي صلاتي القيام والتهجد اليوم في رحاب المسجد النبوي الشريف نحو 700 ألف مصل، التماسا أيضا لليلة القدر.
ولذلك هيأت الرئاسة العامة للمدينة 1600 موظفا ومراقبا للقيام بأعمال التوجيه والإرشاد والمراقبة وحراسة الأبواب وفتح ممرات للمصلين.
وفي الوقت الذي يترقب فيه المعتكفون ليلة القدر بالحرمين، روى أحد شهود العيان في إحدى القرى السعودية أنه شاهد علامة ليلة القدر المباركة، تمثلت في ضوء سماوي قوي كاشف، غطى كامل منطقتهم ليل الجمعة - السبت الماضية 23-24 رمضان.
وروى شليه المطيري، والذي يمثل السلطة المحلية في قرية هجرة مشلح (330 كم شمال الرياض)، أنه شاهد خلال خروجه من منزله ليل الجمعة، ضوءا خفيفا من السماء، ما أن جعل كل ما حوله ظاهرا كأنه في وضح النهار، مشيرا إلى أنه أخبر أهالي قريته بما شاهده، فأكد كثير منهم رؤيتهم للمشهد نفسه.
من جانبه أكد عضو مجلس الشورى والمستشار القضائي بوزارة العدل، الشيخ عبد المحسن العبيكان، أن الضوء السماوي الذي لا يصدر عن برق أو نيزك يعتبر من علامات ليلة القدر، بحسب صحيفة "الوطن" السعودية.